رافت طلال .
عارضة طاقه العضو :
الجنس :
الدولة :
المهنه :
الهوايــة :
المزاج :
عدد المساهمات : 213
تاريخ التسجيل : 01/09/2010
موقعك المفضل : إذاعـــہ الـقـرآنــے الـكـريـمـ
تعاليق : لديك أي اقتراح او استفسار او شكوى او ابلاغ عن مشاركة مخالفة . اضغط هـــنا
| موضوع: باب الوضوء *نواقض الوضوء الخميس أغسطس 16, 2012 3:39 am | |
| باب الوضوء نواقض الوضوء
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
الوضوء مشتق من الإضاءة، تفاؤلا أن أعضاء الوضوء في الدار الآخرة للمخلصين تكون مضيئة، وهو ما يقول به صلى الله عليه وسلم: إن أمتي يدعون يوم القيامة غُرًّا مُحَجّلين من أثر الوضوء الغرة: بياض الوجه، والتحجيل: بياض الأيدي والأرجل، فاشتق هذا من ذلك فسمي وضوءًا.
وهو مسمى شرعي لم تكن العرب تعرفه قبل الإسلام، فهو من الأسماء الشرعية كالصلاة والزكاة والحج والجهاد ونحو ذلك، فهذا الوضوء شرط للصلاة والطواف ومس المصحف، فالصلاة لا بد لها من الطهارتين: الطهارة الكبرى بالاغتسال إذا كان محدثًا، والطهارة الصغرى بالوضوء إذا كان محدثًا حدثًا أصغر؛ ودليل ذلك قول الله -تعالى-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ أي: إذا قمتم وأنتم محدثون، أو إذا قمتم من النوم ونحوه، أو أن الصلاة لا بد لها من غسل هذه الأعضاء.
فمن صلى وهو لم يغسل هذا الحدث فلا صلاة له؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ وهكذا لا بد أن يتوضأ ويرفع هذا الحدث حتى تُقبل صلاته، جعل الله هذه الصلاة التي هي عبادة بدنية جعل لها هيئة، وجعل لها شروطًا تتقدمها؛ وذلك احترامًا لهذه الصلاة، وليعرف قدرها، ولتعلم أهميتها ومكانتها حتى يحترمها المسلمون، وحتى يجتهدوا في المواظبة عليها، وحتى يعلموا أنها عبادة بدنية، وأنها محبوبة إلى الله -تعالى- وأنها قربة للعباد، وأنها مكفرة للسيئات، ورافعة للدرجات، ففي الصلاة فوائد كثيرة، ولها أهميتها.
فكذلك -أيضًا- الطهارة لها جاء في فضلها أحاديث كثيرة؛ منها قوله -صلى الله عليه وسلم-: إذا غسل الرجل وجهه تحاتت خطاياه التي نظر إليها حتى تخرج من أطراف لحيته، وإذا غسل يديه تحاتت خطاياه التي كسبت يداه، وإذا غسل رجليه تحاتت خطاياه التي مشتها رجلاه، حتى يخرج نقيًّا من الذنوب ويكون عمله بعد ذلك حسنات، هذا فضل من الله.
ولا شك -أيضًا- أن غسل هذه الأعضاء كل يوم خمس مرات أو نحوها دليل على أن الإسلام جاء بما ينشط البدن؛ وذلك لأنك إذا غسلت هذه الأعضاء تحس بنشاط، وتحس بقوة، ويذهب عنك الكسل، إذا قمت من النوم تحس بكسل وتثاقل، فإذا توضأت زال بإذن الله ذاك الكسل، وأصبحت نشيطًا طيب النفس.
وأيضًا فإن غسلها يكسبها نشاطًا، الاغتسال يكسبك نشاطًا، وكذلك غسل الوجه وغسل اليدين والرجلين يكسبك أيضًا نشاطًا؛ ولأن هذه الأعضاء هي الظاهرة؛ الوجه واليدان والرجلان هي الظاهرة البارزة فالذي غيرها عادة أنه يكون مستورًا بالثياب، وهذه الظاهرة قد تتعرض لغبار أو تتعرض لوسخ، فجعل الله -تعالى- هذا الوضوء ليزيل عنها ما يعلق بها وما أشبه ذلك.
ثم هذه الطهارة لها مسببات، وتسمى موجبات الوضوء، وتسمى نواقض الوضوء، بمعنى: أن الإنسان إذا كان على وضوء فحصل له واحد من هذه النواقض بطل وضوءه، فلا يصلي إلا بعد أن يجدد الوضوء هذه هي نواقضه أو موجباته:
فأولها: خروج شيء من السبيلين، الخارج من السبيلين أي: من القُبُل والدُّبر، ويعم ذلك ما كان طاهرًا أو نجسًا، ولكن الأصل أن ما يخرج من السبيلين هو البول والغائط، وهما نجسان كما تقدم، فلا بد من تطهيرهما إذا وقع البول أو الغائط على الثوب أو الأرض وجب تطهيره حتى يزول أثره، ولكن قد يخرج من الدبر دود فذلك الدود يكون ناقضًا ولو لم يبتل به المحل، وكذا قد يخرج شعر من أحد السبيلين فينتقض بذلك الوضوء.
وقد يخرج دم من أحد السبيلين فيكون ناقضًا موجبًا للطهارة، فإن كان بولًا أو غائطًا فإنه ينقض ولو كان قليلًا، ولو كان نقطة أو نحوها ينتقض بها الوضوء، وذلك لقول الله تعالى: أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ الغائط: قد ذكرنا أنه المكان المنخفض المطمئن من الأرض كانوا يأتون إليه لقضاء الحاجة، أي: للتبول والتبرز، فكنى الله -تعالى- عن ذلك يعني عن الخارج المستقذر بقوله: أَوْ جَاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغَائِطِ أي: جاء بعدما خرجت منه هذه النجاسة.
أما لو جاء -يعني- وصل مكانًا غائطًا يعني منخفضًا ولم يجلس فيه فإنه لا يزال على وضوئه، فلا يلزمه، فالحاصل أن ما خرج من أحد السبيلين يوجب الوضوء، هذا هو الناقض الأول.
الناقض الثاني: الردة عن الإسلام -أعوذ بالله- الكفر بعد الإسلام، ولو لم يخرج من بدنه شيء الكلمة الكفرية تحبط الأعمال؛ ولذلك قال -تعالى-: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ أليس الوضوء عمل صالح؟ الوضوء من الأعمال الصالحة فتحبطه الردة ويحبطه الشرك، وكذلك قال -تعالى-: إِنْ تُطِيعُوا الَّذِينَ كَفَرُوا يَرُدُّوكُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خَاسِرِينَ يعني: ومن الخسران بطلان الطهارة، وقال الله -تعالى-: وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ .
فهذه الأدلة تدل على أن الشرك يحبط الأعمال، أن تكون الردة بكلمات تكلم بكلمات كفر، كسب الدين، وسب العبادات والتنقص بالخالق، والتنقص للنبي -صلى الله عليه وسلم- أو السخرية به، فمن فعل ذلك بطلت عبادته، ومن جملة العبادة الطهارة فيؤمر بتجديد الطهارة.
الثالث: زوال العقل: إذا زال عقل الإنسان بجنون ولو شيئا يسيرا أو إغماء وغشية بحيث أنه لا يحس بما يخرج منه أو نوم مستغرق فإنه يبطل وضوءه، وذلك لأنه والحال هذه لا يحس بنفسه ولا يدري ما يخرج منه، فقد يخرج منه الريح وهو لا يدري، لأنه زال إحساسه؛ ولذلك جاء في الحديث: العَيْنُ وِكَاءُ السَّهِ فإذا نامت العين استطلق الوكاء السَّه: يعني الدبر.
إذا نامت العينان استطلق الوكاء، فربما تخرج منه ريح وهو لا يدري فينتقض وضوؤه، فمن نام فليتوضأ، أما إذا كان نومًا يسيرًا نعس وهو قاعد، ولكنه كان ممكنًا مقعدته فإنه لا ينتقض؛ لأنه لو استغرق لسقط، فما دام جالسًا فإنه يكون ماسكًا لنفسه، ولا يكون نومه مستغرقًا.
استثنى بعضهم إذا كان محتبيًا أو متكئًا وقالوا: إنه قد يستغرق إذا كان متكئًا على أريكة، على شيء اتكأ عليه بظهره ورأسه ويده، فمثل هذا قد يستغرق النوم، ويذهب إحساسه، وكذا إذا كان محتبيًا؛ المحتبي: هو الذي يقعد على مقعدته وينصب ساقيه ويضع يديه على ركبتيه ويضع رأسه على يديه، فإنه قد ينام، فمثل هذا إذا استغرق فإنه يتوضأ يجدد الوضوء.
وكذلك إذا كان قائمًا إذا نعس وهو واقف ولو خفق رأسه فإنه لا ينتقض؛ لأنه عادة لا يستغرق في النوم، وكذا إذا نام وهو راكع أو ساجد فالعادة أنه لا يستغرق فلو استغرق لسقط.
الناقض الرابع: مس فرج آدمي بيده، فرج آدمي يعم ذلك فرج الصغير والكبير، والذكر والأنثى، لكن أكثر الأحاديث وردت في مس الإنسان ذكره، ومس المرأة فرجها.
والمسألة فيها -أيضًا- خلاف؛ وذلك لأنه جاء في البعض حديث، حديث عن بسرة بنت صفوان أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من مس ذكره فليتوضأ هذا حديث مخرَّج في السنن والمسانيد وقد اشتهر روايته عن هذه المرأة، ولكن استغربه بعض العلماء وقالوا: إن هذا شيء يكون الحكم فيه عامًّا؛ فلذلك لا بد أن ينتشر ويشتهر، فلماذا لم يروه الخلفاء، ما رواه أبو بكر وعمر وعثمان وعلي، ولا رواه أنس وابن عمر وجابر وغيرهم، وانفردت بروايته هذه المرأة.
هكذا أنكره بعض العلماء، ومنهم شيخ الإسلام ابن تيمية يرى أنه ليس بناقض وإنما يكون الوضوء منه مستحبًّا.
والحديث رواه مروان بن الحكم عن بسرة، ثم تذاكروا نقض الوضوء بمس الذكر ومعهم عروة بن الزبير فقالوا: إنه ترويه بسرة، فقال مروان: أرسلوا إليها من يتثبت فأرسل أحد شرطته فرجع وقال: إنها ترويه وإنها تثبته، فرواه عروة عن مروان.
والذين أنكروه قالوا: لا نقبله إلا إن كان عروة رواه عن بسرة؛ وذلك لأن مروان قد لا يكون مقبول الرواية، أي لا نقبل روايته فكيف نقبل رواية شرطيه الذي أرسله ولا يدرى من هو، لكن جاء حديث آخر عن أبي هريرة: إذا أفضى أحدكم بيده إلى فرجه فليتوضأ فيه مقال، ولكنه يقويه حديث بسرة.
وجاء -أيضًا- حديث عن حفصة بنت عمر أم المؤمنين، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: أيما رجل مس ذكره فليتوضأ، وأيما امرأة مست فرجها فلتتوضأ هذه الأحاديث التي يحتج بها في مس الذكر.
هناك حديث يخالف ذلك، حديث عن طلق بن عدي أن النبي صلى الله عليه وسلم - قيل له: أينقض مسّ أحدنا ذكره؟ فقال: إنما هو بضعة منك بمعنى: أنه عضو من أعضاء الإنسان كأنفه وأذنه فكيف ينتقض الوضوء به، هكذا جاء هذا الحديث.
وروي أيضا إنكار النقض عن بعض الصحابة؛ فروي عن علي أنه سئل عن نقض الوضوء بمس الذكر فقال: إن كان منك شيء نجس فاقطعه، يعني: أنه ليس بنجس فلا ينتقض منه الوضوء، فلما جاءت هذه الأحاديث احتاط العلماء وقالوا: ننظر أيها أكثر وأيها أقوى فنقدمه أو نحتاط فنعمل بالأحوط؛ فلذلك احتاطوا وقالوا: ينتقض الوضوء بمس الذكر من باب الاحتياط للعبادة.
ومنهم من قال: إنما ينتقض إذا مس ذكره لإثارة الشهوة بأن عالجه أو مسه إلى أن تثور شهوته ولكن عموم الأحاديث يترجح منه أنه ناقض.
ثم اشترطوا لذلك شروطًا:
الأول: أن يكون المس بدون حائل، جاء في حديث أبي هريرة: إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره فليتوضأ ومعنى أفضى يعني: أدخل يده تحت إزاره أو تحت سراويله حتى مس ذكره، فإذا مسه من وراء حائل من وراء الثوب فلا ينتقض؛ لأنه لا يسمى قد مسه إنما يكون ذلك من وراء حائل فلا يطلق عليه المس.
الشرط الثاني: أن يكون المس باليد أي بالكف اليد اليمنى أو اليسرى ببطن الكف أو بظهرها، فإذا مس بالذراع أو مس بالرجل فإن ذلك لا ينقض، وكذلك إذا مس بالظفر ونحوه فإنه لا يكون ناقضًا، ثم هل يلحق به غيره ألحق به بعضهم الدبر إذا مس دبره، وذلك لأنه يسمى فرجًا فهو أحد الفرجين، والأكثرون على أنه خاص في الرجل بمس ذكره، وفي المرأة بمس فرجها، وأن الدبر لا يكون ناقضًا، وإن كان بعضهم صرح بالدبر وذلك قياسًا له على القُبل.
ثم اختلفوا هل يشترط أن يكون الذكر متصلا؟! شرط ذلك بعضهم وأنكر ذلك الأكثرون؛ فمعنى ذلك أنه لو مس ذكرًا مقطوعًا فهل ينتقض وضوؤه؟! في بعض الحروب إذا قتل بعض القتلى يأتي الأعداء الذين قتلوهم ويقطعون مذاكيرهم، ويجيء أهلهم بعد ذلك ليشيعوهم أو يجهزوهم ويجدون ذكره قد قطع فبالضرورة أنهم يمسونه حتى يجعلونه في الكفن أو نحو ذلك، فهذا القطع زال به حرمة ذلك الذكر، فالأكثرون على أنه إذا مس ذلك الذكر المقطوع فإنه لا ينتقض وضوؤه، هذا هو الراجح.
كذلك أيضًا عورة الصغير المرأة عادة تنجي ولدها الرضيع والصغير الذي دون السادسة أو نحوه فإذا تبول أو تغوط فإنها تنجيه فتغسل عورته بيدها فهل ينتقض وضوؤها بذلك عموم كلامهم أنه ينتقض؛ لأنهم قالوا: فرج آدمي، هكذا قالوا: مس فرج آدمي بيده، ولكن يترجح أنه لا ينتقض؛ وذلك لأنه أمر ضروري.
المرأة مضطرة إلى تطهير أولادها وتنجيتهم، ولو كان ناقضًا لاشتهر ولذُكر في الأدلة، ولمّا لم يشتهر دل على أن الأصل عدم الانتقاض وإن عمه عموم كلامهم فرج آدمي؛ ولأن فرج الصغير ليس له حرمة، يعني: لا ينكر عليه إذا مشى عاريا ابن خمس أو أربع أو بدا فرجه وكذلك أيضا مسه لا يحصل منه شهوة لا يثير شهوة، يترجح أن المرأة بهذه الحال لا يلزمها أن تتوضأ من هذا، أي: من هذا المس.
الناقض الخامس: ملاقاة لبشرتي رجل وامرأة بشهوة: البشرة هي الجلد، فإذا تلاقى بشرة رجل وامرأة حصلت الشهوة انتقض وضوؤهما، أو انتقض وضوء الذي مس بشهوة، وأكثرهم على أن الذي ينتقض هو اللامس، فإذا مد يده لامرأة زوجته أو أجنبية ومست يده شيئًا من بشرتها مست يدها أو مست ذراعًا أو مست عضدًا أو مست وجهًا أو مست صدرًا بدون حائل وثارت الشهوة بطل الوضوء. وهل يبطل وضوء المرأة ؟
الأكثرون على أنه لا يبطل، ولو وجدت شهوة لأنها ليست لامسة وإنما هي ملموسة وأما إذا كان الجميع يعني متعامدين يعني: تقبيل لشهوة منهما أو كذلك مباشرة لشهوة منهما، فإنه ينتقض وضوؤهما معًا.
وذهبت الشافعية إلى أنه ينتقض ولو لم يكن بشهوة؛ هناك قراءة في آية النساء وهي قوله تعالى: أَوْ لَامَسْتُمُ النِّسَاءَ قرأها بعضهم أو لمستم واللمس يعم جميع الملامسة، فعلى هذه الرواية أخذ الشافعية فقالوا: ينتقض بأدنى لمس فذكر النووي -رحمه الله- وهو شافعي المذهب في رسالة الإيضاح في مناسك الحج: أن الإنسان إذا كان يطوف فعليه أن يبتعد عن مزاحمة النساء، وإذا خشي أنه يمسهن فعليه أن يلبس على يديه جوارب وعلى رجليه شرابًا، يعني حتى لا يمس أحدًا من النساء؛ لأنه إذا مسهن في الزحام بطل وضوؤه، ولكن على أن الأقرب أنه لا يبطل إلا إذا كان متعمدًا وكان ذلك لشهوة، ولا يلزمه أن يلبس الجوارب، ولا أن يلبس القفازات؛ لأن في ذلك مشقة على الجميع.
المطاف عادة في أيام المواسم يكون الزحام فيه شديدًا، فيكثر أن الرجال يكونون بين النساء، والنساء بين الرجال فيصعب التحفظ، فالحاصل أن النقض إنما يكون إذا تلاقت البشرتان يعني: الجلد بدون حائل، وكان ذلك لشهوة، فمن لم يكن لشهوة منهما فلا ينتقض وإذا جاءت الشهوة من الرجل والمرأة فعليمها تجديد الوضوء.
الناقض السادس: أكل لحم الإبل... أكل لحم الجزور، يقولون: إن النقض يختص بأكل اللحم دون بقية الأجزاء، واللحم مثل لحم الفخذين والعضدين والظهر والرقبة ونحو ذلك، بأن هذا هو اللحم الأحمر فعلى هذا لا ينتقض بغير اللحم، فلو أكل من الكبد أو من الطحال أو من الرئة أو من القلب أو من الكبد أو من الكرش أو من اللسان فهذا لا ينتقض؛ وذلك لأنه لا يسمى لحمًا.
والقول الثاني: العموم أنه ينتقض به كله لأنه جزء من أجزاء ذلك الذي ينقض لحمه ويصدق على الجميع أنه لحم؛ ولأن الله إنما حرم لحم الخنزير في قوله: وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ مع أن شحمه وكبده وطحاله وكرشه وأمعاءه ونحوها كلها نجسة، وكلها محرمة.
والنص ما جاء إلا في لحم فكذلك لحم الإبل يدخل فيه الكبد والكلية ونحوها، هذا هو قول الإمام أحمد، وذهب الشافعية إلى أنه لا ينقض، والأحاديث حجة عليهم، منها حديث جابر بن سمرة في صحيح مسلم قيل: يا رسول الله، أنتوضأ من لحوم الغنم؟ قال: نعم إن شئت. قالوا: أنتوضأ من لحوم الإبل؟ قال: نعم. يعني لا بد من التوضؤ، فجزم بأن لحم الإبل، بأن لحم الإبل يتوضأ منه، وأما لحم الغنم فقال: إن شئت. فدلنا ذلك على أنه لا يلزم أن يتوضأ منه، يعني من لحم الغنم، وإنما إن شئت، وأما لحم الإبل فنعم يتوضأ منه.
أنكر ذلك الشافعية وكأنه ما ثبت عندهم الحديث، ما ثبت عند الشافعي ولما جاءت هذه الأحاديث تكلف علماؤهم وقالوا: إنها منسوخة بالرخصة في ترك الوضوء مما مست النار. كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يأمرهم أن يتوضئوا مما مست النار، ثم رخص بعد ذلك بترك الوضوء منه، كانوا يتوضئون من أكل الخبز ومن أكل الرز، ومن أكل اللحم عموما، لحم الغنم ولحم الطير ولحم الأرنب ونحوه؛ لأنه مطبوخ أو مشوي مسته النار، ومن شرب المرق وكذا من شرب المطبوخات على النار.
كانوا يتوضئون من ذلك كله، ولكن تبين أن هذا ليس بفرض، الوضوء مما مست النار، وإنما هو على الاستحباب، ثم رخص في ترك ذلك، ثبت أنه -صلى الله عليه وسلم- أكل من كتف شاة ثم قام ولم يتوضأ وصلى، فدل ذلك على أنه لا يلزم دائما الوضوء مما مست النار.
ولما ذُكِرَ للإمام أحمد أن الشافعية -تلاميذ الشافعي- يقولون: إن لحم الإبل إنما كان ينقض الوضوء؛ لأنه مسته النار. فتعجب الإمام أحمد وقال: الحديث فيه لحم الإبل ولحم الغنم، أمر بأحدهما أن يتوضأ منه، وهو لحم الإبل دون لحم الغنم، وكلاهما مسته النار، فلو كانت العلة أنه قد مسته النار لما فرق بينهما.
ثم قال الإمام أحمد: أنا أقول يتوضأ من لحم الإبل ولو أكله نيئا أي لامتثال الأمر، أن الأمر واضح فالأمر بوضوء من أكل من لحم الإبل ولم يقل لأنه مسته النار، فلو أكله نيئا غير مطبوخ ولا مشوي صدق عليه أنه أكل من لحم الإبل فعليه أن يتوضأ.
بعد ذلك نقول: ما الحكمة في الأمر بالوضوء من لحم الإبل دون غيره من المأكولات؟
أولا: قال بعضهم: لما فيه من قوة التغذية، فإن تغذيته أقوى من تغذية غيره، فهو ينبت اللحم ويسبب قوة وذلك لقوة الإبل، وهو يسبب قوة تغذية، وهذه القوة قد تكسب الإنسان قوة شهوة وقوة غلبة وقوة اندفاع إلى الشهوات ونحوها، فيناسب أن يتوضأ من بعده؛ لأن الوضوء يخفف تلك القوة.
وقال بعضهم: لأن الإبل جاء في الأثر أن على ذروة كل بعير شيطان، وإذا كان كذلك، وكانت الشياطين تكون مع هذه الإبل، والشيطان خلق من النار، والنار تطفئ بالماء، فأمر من أكله بأن يتوضأ حتى يزيل أثر الشيطان.
جاء في حديث آخر سئل النبي -صلى الله عليه وسلم- عن الإبل. فقال: إنها جن خلقت من جن. ذكر الله تعالى أن الجن خلقت من النار لقوله تعالى: وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ أو مِنْ نَارِ السَّمُومِ والنار تنطفئ بالماء، وأمر من أكل منها أن يتوضأ، وهناك تعليلات أخرى قد لا يكون عليها دليل.
ذكر بعد ذلك من النواقض خروج غائط وبول أو نجاسة فاحشة من سائر البدن، يعني من النواقض ما يخرج من البدن إذا كان فاحشا، إن كان بولا أو غائطا فإنه قليله وكثيره ينقض الوضوء، وأما إن كان غيرهما فلا ينقض إلا إذا كان كثيرا، يعني فاحشا، فلو طعن في أسفل بطنه وصار البول يخرج من تلك الطعنة فإنه ينقض، ينقض الوضوء؛ لأنه خروج بول، وكذا لو طعن في ظهره وصار الغائط يخرج من تلك الطعنة من ظهره ولو بدون اختياره فإن قليل الغائط وكثيره ينقض ولو لم يكن من المخرجين القبل والدبر، فالخارج من بول أو غائط غير المخرجين ناقض للوضوء، وأما غيرهما فلا ينقض إلا إذا كان كثيرا.
فمن ذلك القيء، الذي هو التطريش أو الاستفراغ إذا كان فاحشا ملء الفم مرتين أو نحو ذلك، وكان فاحشا، يعني منتنا خائسا فإنه ينقض. جاء في الحديث أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاء فتوضأ، يقول ثوبان: أنا صببت له وضوءه.
كذلك الدم، إذا رعف الإنسان وخرج منه دم كثير بطل وضوءه فعليه أن يجدد، وكذلك لو كان فيه قروح سيالة، فيه قرح أو جَرْح أو جُرِح بإصبع أو نحو ذلك وخرج منه دم بطل وضوؤه، فعليه أن يجدد.
وكذا القيح والصديد يعني بقية ما يخرج من البدن إذا كان نجسا لا ينقض إلا إذا كان كثيرا، أما إذا كان يسيرا فإنه لا ينقض فلو خرج من أنفه أو من أسنانه دم يسير كنقطتين أو خمس نقط متفرقة عفي عن ذلك.
وأما صلاة عمر -رضي الله عنه- وجرحه يثعب دما فإن هذا من الحدث الدائم، فإنه لما ذُكِّرَ بالصلاة قال نعم، لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة، ثم صلى وجرحه يثعب؛ وذلك لأنه لا يقدر على إيقافه، لو قال لا أصلي حتى يتوقف لاستمر يخرج حتى مات؛ لأن جرحه استمر يخرج منه دم لمدة ثلاثة أيام، ولا يمكن أن يترك الصلاة، فلذلك صلى وجرحه يثعب دما.
وقصة الصحابي الذي رمي وهو يصلي كذلك، لما رماه ذلك الإعرابي فنزف الدم واستمر في الصلاة، عذره أنه لا يقدر على إيقاف الدم، فيلحق بالحدث الدائم.
هذه نواقض الوضوء، عدَّها ثمانية: الأول الخارج من السبيل، والثاني الردة، والثالث زوال العقل، والرابع مس الفرج، والخامس مس المرأة، والسادس أكل لحم الإبل، والسابع الخارج من البدن كالدم والقيء ونحو ذلك، وبقي ثامن لم يذكره وهو تغسيل الميت، الرواية المشهورة أنه ينقض وإن كان في المسألة خلاف، وقال بعض الصحابة أقل ما فيه الوضوء، والمستحب أن يغتسل يعني يفضل أن يغتسل، جاء فيه حديث من غسل ميتا فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ والمراد بحمله احتضانه ليس المراد بحمل الخشبة التي هي النعش، فمن حمل يعني احتضن على ميت عليه أن يتوضأ ولعل ذلك للاستحباب، هذه نواقض الوضوء.
| |
|