طامع في المغفرة غير حاتم بها
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد..
فقد ذكر لنا سبحانه وتعالى مِن نبأ إمام الحنفاء إبراهيم عليه الصلاة والسلام أنه كان مما قاله لأبيه وقومه:
{قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ (75) أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ (76) فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ (77) الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ (78) وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ (79) وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ (80) وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ (81) وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ (82)} سورة الشعراء
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله:
" فَإِنَّ الْإِنْسَانَ يَحْتَاجُ إلَى:
• جَلْبِ الْمَنْفَعَةِ لِقَلْبِهِ وَجِسْمِهِ
• وَدَفْعِ الْمَضَرَّةِ عَنْ ذَلِكَ .
وَهُوَ أَمْرُ الدِّينِ وَالدُّنْيَا .
§ فَمَنْفَعَةُ الدِّينِ: الْهُدَى ؛
§ وَمَضَرَّتُهُ: الذُّنُوبُ، وَدَفْعُ الْمَضَرَّةِ: الْمَغْفِرَةُ .
وَلِهَذَا جَمَعَ بَيْنَ التَّوْحِيدِ وَالِاسْتِغْفَارِ فِي مَوَاضِعَ مُتَعَدِّدَةٍ .
§ وَمَنْفَعَةُ الْجَسَدِ: الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ
§ وَمَضَرَّتُهُ: الْمَرَضُ، وَدَفْعُ الْمَضَرَّةِ: الشِّفَاءُ". ا.هـ "مجموع الفتاوى" (16/ 206).
وقال الحافظ القصاب رحمه الله:
"قوله: {وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ} فيه تخويفٌ للمؤمنين شديد أن يعملوا ولا يتّكلوا، إذ كان خليلُه – صلى الله عليه وسلم – طامعًا في غفران خطيئته غير حاتِمٍ بها على ربِّه؛ فمَن بَعْدَه مِن المؤمنين أحْرى أن يكون أشدَّ خوفًا مِن خطاياهم". ا.هـ "نكت القرآن" (3/ 529).